الكويت أضاعت بإجراءاتها الصحية على حساب الاقتصادية فرص تنشيط قطاعات هي بأمس الحاجة لتحفيزها وصنعت فرصاً اقتصادية لدول في تعاملها مع ملف النقل الجوي في ظل انتشار كورونا
صنعت الكويت في تعاملها مع ملف حركة النقل الجوي في ظل انتشار فيروس كورونا، فرصاً اقتصادية، ولكن لدول أخرى، كانت أكثر مرونة وانفتاحاً في التعامل مع الأزمة، إذ شكلت القرارات الحكومية المفاجئة والمتشددة في التعامل مع حركة السفر، فرصة سانحة ذات مردود اقتصادي مرتفع على تلك الدول، ما فتح أمامها باباً واسعاً للاستفادة من الوضع في الكويت، لتنشط حركة قطاعات متعددة لديها، في حين أضاعت الكويت بإجراءاتها التي لا تزال تميل كفتها للجانب الصحي على حساب الجانب الاقتصادي، فرص تنشيط قطاعات هي بأمس الحاجة إلى تحفيزها.
وفي هذا الصدد، يرى اتحاد مكاتب السياحة والسفر، أن الاقتصاد الكويتي يعاني حالياً من الفرص التشغيلية الضائعة في كل القطاعات، بسبب الإجراءات الحكومية المتشددة في مواجهة انتشار فيروس كورونا، والتي تخطت الاحتراز من انتشار الفيروس إلى اتخاذ قرارات تنم عما يمكن تسميته بـ «وسواس كورونا القهري».
وأفاد الاتحاد «الراي» بأن الفارق بين الإجراءات الاحترازية الطبيعية ومثيلتها «القهرية» أن الأخيرة أكثر تشدداً بصورة غير مبررة، إلا من مخاوف قد لا تتحقق، فالإجراءات الاحترازية الطبيعية لا تعيق الحياة، ولكن إجراءات الكويت حالياً تخطت الاحتراز من انتشار الفيروس، وأعاقت الحياة، ليصبح الوصف الأمثل لها «إجراءات كورونا القهرية».
وشدّد الاتحاد على ضرورة أن يحسب متخذ القرار «تكلفة الفرصة الضائعة»، ليوائمها مع احتياجات الكويت لتنشيط اقتصادها مجدداً، لتستفيد المنشآت والأنشطة المحلية من إنفاق الوافدين على رحلة العودة، بدلاً من الوضع الحالي الذي يرفع من فاتورة خسائر الكويت، مشيراً إلى أنه رغم اتخاذ الكويت إجراءات مشددة تقضي بفحص العائدين من الخارج قبل السفر بـ96 ساعة، وحصولهم على شهادة «PCR» تثبت خلوهم من المرض، ناهيك عن الفحص العشوائي لعينة من العائدين على كل طائرة، للتثبت من الحالة الصحية للعائدين، إلا أنها عادت لتلزمهم بالحجر الإلزامي منزلياً لمدة 14 يوماً.
وذكر أن الحجر الإلزامي للعائدين يُعدّ عائقاً حقيقياً أمام آلاف من المواطنين والمقيمين الراغبين بالسفر، إذ يشكل التفكير بالسفر في ظل الأوضاع عبئاً عليهم، خوفاً من طول الإجراءات المتخذة وقسوتها، مقارنة بالعديد من الدول الأخرى التي اتخذت إجراءاتها الاحترازية بصورة أكثر عملية وتقبلاً لدى المسافرين، كما أنه لا توجد خطوط مباشرة على وجهات عالية التشغيل.
وأشار الاتحاد إلى أن هناك نحو 30 دولة حالياً، لا تلزم المسافرين إليها بالحجر المنزلي، ويكتفى في بعضها بفحص الـ «PCR» قبل السفر أو عند الوصول، مبيناً أن تلك البلاد بدأت تستعيد عافيتها وتشهد إقبالاً في السفر إليها، لترتفع معه مؤشرات القطاعات الاقتصادية كافة، ناهيك عن دول أخرى تجري الفحص عند الوصول وبعده بأيام دون أي حجر، ليباشر المسافرون الاستمتاع برحلاتهم، في حين أنه عند المقارنة مع الكويت، نجد أنها تتخذ إجراءات قاسية، حتى وإن كانت نتيجة الفحوصات سلبية، فما الجدوى من الأمر؟!
ونوه إلى أنه في ظل عودة الحياة وفتح دول العالم لأجوائها، أغلقت الكويت أجواءها في وجه القادمين من 31 دولة بصورة مباشرة، بشكل مفاجئ، ما كبّد الكثير من القطاعات الاقتصادية خسائر فادحة تستمر فاتورتها في النمو باستمرار حالة الانغلاق التي تتبعها البلاد.
وأوضح الاتحاد أن القرارات الحكومية لم تراع أبداً أوضاع السوق المحلي، أو محاولة تسهيل الإجراءات وإفادة الأنشطة الاقتصادية المتأثرة، خصوصاً أن قرار حظر دخول القادمين من 31 دولة إلا بعد قضاء 14 يوماً خارجها، فتح المجال واسعاً أمام نحو 7 مدن خليجية وأوروبية لاقتناص فرص سياحية للمسافرين «ترانزيت» مستفيدين من القرارات الكويتية، لتنشط فنادق تلك الدول ومرافقها السياحية وشركات الطيران فيها، من إنفاق المقيمين الراغبين في العودة إلى الكويت، في حين لم تستفد الكويت من ذلك بـ«فلس واحد».
مغادرة المنتهية إقاماتهم… فرصة أخرى ضائعة
توقعت مصادر مطلعة في سوق السياحة والسفر تضاعف قيمة الفرص الاقتصادية الضائعة على الاقتصاد الكويتي خلال الأسبوع المقبل، وسط ارتفاع كبير مرتقب لمعدلات الطلب على السفر إلى دول محظورة، وذلك بعد انتهاء مهلة تمديد الإقامات، وكروت الزيارة بأنواعها من دون مخالفات، في تاريخ 31 أغسطس الجاري.وأكدت المصادر أن سوق السفر سيشهد طلباً متزايداً مع نهاية الشهر، إلا أن الإشكالية التي تثير تخوف العاملين في السوق هي الوجهات المحظور الطيران عليها، إذ إن من بينها وجهات مصنفة في الكويت كـ «عالية معدلات التشغيل»، ولكنها متوقفة حالياً.وذكرت المصادر أن استمرار الأوضاع بتلك الطريقة سيدفع نحو استفادة ناقلات جوية غير وطنية بفرص نقل المغادرين من الكويت، عبر رحلات ترانزيت، إذ ستكون الخيار الوحيد للراغبين في مغادرة الكويت، وذلك في ظل عدم قدرة مكاتب السياحة والسفر، وكذلك الناقلات الوطنية على التشغيل إلى تلك الوجهات مباشرة، ما يشكل فرصة ضائعة أخرى على الاقتصاد الوطني.وذكرت المصادر أن استمرار توقف الرحلات على تلك الوجهات من دون تمديد جديد لإقامات وكروت الزيارة لرعايا تلك الدول سيدفع نحو طلب متزايد على السفر، وهو ما لا يمكن تلبيته عبر عدد الرحلات الموجودة حالياً بطريقة الترانزيت، إذ إن التشغيل على تلك الوجهات كان يتميز بوجود خيارات سفر مباشرة لأكثر من 7 شركات طيران.
سلسلة إجراءات الدول المرنة
أوضحت المصادر أن الدول الثلاثين التي لا تلزم المسافرين إليها بالحجر المنزلي، تشمل كلاً من الإمارات والعراق ومصر والأردن والسودان، وتركيا والسويد وأندورا وألبانيا والبوسنة والهرسك، إضافة إلى الصين والبرازيل وقبرص والتشيك، وإسبانيا وليسوتو ومكاو وجزر ماريانا الشمالية، ومالطا والمالديف والمكسيك ونيجيريا، وبولينيزيا الفرنسية وصربيا وسيشل وسيراليون، وإسواتيني (سوازيلاند سابقاً) وتنزانيا وكوسوفو.
وضربت المصادر أمثلة للإجراءات المرنة لبعض تلك الدول، في التعامل مع حركة النقل الجوي في ظل جائحة«كورونا»، وذلك على النحو التالي:
1 – السعودية
حدّثت السعودية الإجراءات المطبقة تجاه المسافرين القادمين من الخارج إلى المملكة، حيث يتم إلزام أي مسافر بتوقيع تعهد بالاشتراطات الصحية الواجب اتباعها، والالتزام بالحجر المنزلي لمدة 7 أيام فقط من تاريخ الوصول إلى المملكة.
2 – الإمارات
تسمح الإمارات بدخول القادمين إليها شريطة القيام بفحص«PCR» خلال مدة لا تتخطى 96 ساعة قبل السفر، مع إجراء الفحص نفسه عند الدخول، والالتزام بالحجر لحين ظهور نتيجته، مع صدور تأشيرات الزيارة في إمارات بعينها، واشتراط أخرى دخول حاملي الإقامة فقط.
3 – البحرين
ألغت السلطات البحرينية الحجر المنزلي للقادمين إليها الذي كان مقرراً لمدة 10 أيام، شرط أن تكون نتيجة فحص «كورونا» سلبية.
ويسمح بدخول المقيمين ومواطني دول مجلس التعاون ممن لا يحتاجون إلى تأشيرة مسبقة، إضافة إلى حاملي الجوازات الديبلوماسية والخاصة، ويخضع القادمون لإجراء فحص «PCR».
4 – تونس
يسمح بدخول القادمين شريطة إجراء فحص«PCR»قبل 72 ساعة من الوصول كما يتم إجراء التحليل بعد 3 أيام من الوصول.
5 – لبنان
يشترط لبنان لدخول أراضيه إجراء الفحص الطبي قبل الوصول إلى بيروت بـ96 ساعة، مع فحص آخر حال الوصول، والحجر الصحي لمدة 48 ساعة، ومن ثم فحص جديد في اليوم الثالث.
6 – تركيا
تشترط فحص «PCR» عند الوصول إلى المطار من دون حجر صحي.