منع مصابي فيروس كورونا من التصويت يهدد ببطلان الانتخابات

0

حذر الخبيران الدستوريان عادل الطبطبائي ومحمد الفيلي من حرمان المصابين بـفيروس كورونا من حق التصويت في الانتخابات النيابية المقبلة، معتبرين أن ذلك قد يهدد ببطلان الانتخابات لمخالفته مبدأ دستورياً ينص على حق المواطنين في الانتخاب، إلا أن يكون المنع بنص قانوني.

في وقت كشفت مصادر قضائية عن صعوبة توفير وزارة العدل، بالتنسيق مع وزارة الصحة، مقار اقتراع خاصة للمصابين بفيروس كورونا، بما يؤدي إلى حرمان كل المصابين والمحجوزين بعد عودتهم إلى البلاد من ممارسة حقهم في الاقتراع يوم الخامس من ديسمبر المقبل والمشاركة في انتخابات مجلس الأمة، حذر الخبير الدستوري المستشار في الديوان الأميري د. عادل الطبطبائي من خطورة هذا الحرمان على سلامة العملية الانتخابية المقبلة.

وقال الطبطبائي، لـ “الجريدة”، إن الحديث عن منع المصابين بالفيروس من التصويت في الانتخابات المقبلة محل تحفظ، لأن الانتخاب والتصويت حقان متلازمان لا يمكن فصلهما عن بعضهما، وحق الانتخاب حق دستوري يستمده المواطن من احكام ونصوص الدستور، ولا يمكن منعه من مباشرته إلا لأسباب دستورية، كالحكم عليه في جريمة بجناية أو جريمة مخلة بالشرف والأمانة.

وأضاف: إذا كانت السلطات الصحية اتخذت إجراءاتها الاحترازية للسماح للمواطن بالترشح للانتخابات، فإن من واجبها كذلك تمكين المواطنين المصابين من مباشرة حقهم الدستوري في التصويت، مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة، “وإذا كنا نشك في أن المصاب سيترك مسكنه او مستشفاه لكي يصوت، فإن من واجب الدولة إن حدث ذلك تمكين المواطن من مباشرة هذا الحق، ولقد رأينا في الأيام القليلة الماضية كيف سمحت إحدى الدول لمواطن مصاب بالتصويت من داخل سيارته مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية المناسبة”.

وزاد: “سبق أن اقترحت إصدار مرسوم ضروره بإنشاء دائرة مجمعة في مستشفى جابر يصوت فيها المرضى المقيمون في المستشفى، وينقل اليها المرضى الآخرون الموجودون في المستشفيات او المساكن الراغبين في مباشرة حقوقهم الانتخابية”، لافتا إلى أنه لا يمكن التحجج بخطورة المرض وإمكانيه انتشاره لمنع المواطن المصاب من مباشرة حقه الانتخابي، فلا يجوز لقرار اداري صادر من جهة ولو علت، ان يخالف احكام الدستور ويحرم المواطن من مباشرة ذلك الحق، ولا يمكن الاستناد هنا الى القوانين الصحية النافذة المفعول لحرمان المواطن المصاب من التصويت، فهذه القوانين لا يمكنها حجب الحق الدستوري الواضح والصريح المستمد من الدستور الكويتي.

بدوره، أكد الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية الحقوق د. محمد الفيلي لـ “الجريدة”: أنه لا يمكن تقرير حرمان الناخب من ممارسة حقه خارج أحكام قانون الانتخاب والمحدد حصرا في مواده، لافتة إلى أنه يلزم عرض مسألتين عند الحديث عن اثر جائحة كورونا على حق الناخب في الاقتراع، أولاهما أنه إذا تعارضت المصالح المعتبرة فلا يجوز إهدار واحدة منها ما دام التوفيق بينها ممكنا، والأخرى أنه إذا حدد الدستور شكلا يفرغ فيه الموضوع فلا يجوز تجاهل الشكل الذي قرره الدستور.

وأضاف الفيلي أن “الدستور الكويتي قرر في المادة 80 أن أحكام الانتخاب ترد في قانون الانتخاب، وورود بعض أحكام الحرمان في قوانين أخرى مثل قانون الجزاء كان قبل صدور الدستور، أما بعد صدور الدستور فالحكم واجب النفاذ هو ما قرره الدستور، فإذا قرر المشرع وجود مصلحة معتبرة تبرر حرمان شريحة من الناخبين من حق الانتخاب يلزم تقرير الحرمان في قانون الانتخاب لأنه الوعاء المقرر دستورياً لتنظيم هذا الموضوع”.

وتساءل الفيلي: “هل يمكن دون تعديل قانون الانتخاب اتخاذ إجراءات للتوفيق بين حق الانتخاب المقرر في الدستور وتطبيق القرارات الإدارية المنظمة لأحكام الحجر الصحي والمستندة لأحكام القانون 8/1969 بشأن الاحتياطات في مواجهة الأوبئة؟ والإجابة عن هذا السؤال ينبغي أن تنطلق من الرأي الطبي المختص، علما أن الاطلاع على تجارب الدول الأخرى يزودنا بمؤشرات للرأي الطبي في الموضوع”.

وقال إن الإدارة الحكومية بالكويت استطاعت التوفيق بين الاعتبارين لتنظيم حق الترشح، كما ان الإدارة الأميركية اعتبرت التصويت مع اتخاذ الاحتياطات المقررة، وهي التباعد ولبس الكمام، لا يشكل مخاطر تبرر منع حق الانتخاب، وأجازت إلى جوار التصويت العادي التصويت عن طريق البريد.

وتابع: “نظن أن اعمال الفكر سيوصلنا إلى أساليب للتوفيق بين المصلحتين، ومن ضمن الأفكار الممكن التدبر بها هي الاستعانة بمن شفي حديثا من الفيروس، والاستفادة بواقع مناعته العالية للتعامل مع المصابين في كل مقر تصويت، فهناك قضاة وشرطة ينطبق عليهم هذا الشرط، ومن باب إرجاع الفضل لاهله فإن الفكرة السابقة سمعتها من قاض”.

وسأل: “هل منع المحجورين إجراء كاف لمنع انتشار العدوى؟”، مضيفا أن “أهل العلم يجمعون على ان المرضى المعلومين ليسوا كل المصابين، فبعض المصابين لا يعرفون بإصابتهم، ويلزم للجزم بها إجراء الفحص عليهم، وهذا يجعل منع المعلن إصابتهم إجراء مهدرا للحرية دون تحقيقه نتيجة مؤكدة من حيث مواجهة احتمالية العدوى”.

وعن تجريم مخالفة قرارات الحجر على الناخب، قال الفيلي: “إننا بصدد عقوبة يقررها القضاء بعد محاكمة تكفل له فيها وسائل الدفاع، ونتصور أيضا أن الدفاع سيكون بالاستناد لوجود أسباب الإباحة المقررة في القانون، ومنها استعمال الحق، وأيضا بالطعن في مشروعية قرار الحجر من حيث عدم تناسبه أو من حيث إهداره لحق مقرر في القانون استنادا للدستور”.

وأردف: “هنا نستعيد في ذهننا المبادئ العامة في الضبط الإداري التي تجعل رقابة القضاء تتعمق في عناصر القرار، ومدى تناسب المنع مع طبيعة الحرية التي تم التضحية بها، ونعتقد أنه سيكون أكثر حصافة لو تم تعديل القرار الوزاري بتنظيم الحجر بما يتناسب مع احتياجات التصويت، علما أن المحجور عليه يخرج حاليا لقضاء بعض المصالح، مثل تلقي العلاج دون اعتبار ان هذا الخروج مجرم”.

وبين أن “الانتخاب من مقومات الديمقراطية، واستسهال التضحية بهذ الحق مؤشر على درجة احترام الجماعة للديمقراطية والمشروعية، وقد واجه الناخبون في بلاد أخرى مخاطر تفوق ما نحن بصدده، ولم يتركوا ممارسة حق الانتخاب، علما أن الانتخاب حق شخصي، ومن يشارك فيه يعلم أنه بوجود الوباء أو بعدم وجوده لا يوجد نشاط يمارسه الانسان، ونسبة المخاطرة فيه صفر، إذن علينا أن نتخذ بجدية بالغة الاحتياطات المطلوبة دون أن نعيش حالة الرهاب المرضي”، مضيفا أنه إذا وصل أصحاب الاختصاص إلى استحالة توفير حماية معقولة للناخبين فالحل هو إضافة سبب جديد للحرمان خاص بمن يكون هدفا له، ويكون تقرير الحرمان في قانون الانتخاب.

.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.