وكالة الفضاء الأوروبية : توقعات بدخول حطام الصاروخ الصيني “التائه” إلى الغلاف الجوي للأرض مرة أخرى يوم الأحد المقبل
حالة من الترقب تسود دول العالم، ويحبس الناس أنفاسهم مترقبين حركة الصاروخ الصيني «لونغ مارتش – 5 بي واي 2»، بعد إطلاقه الوحدة الأساسية «تيانخه» أو “التناغم السماوي” لمحطة الفضاء الصينية، وتزايدت التكهنات مؤخرًا بمستقبل هذا الصاروخ وموعد ومكان سقوطه على الأرض.
فقد توقعت وكالة الفضاء الأوروبية اليوم الخميس، دخول حطام الصاروخ الصيني إلى الغلاف الجوي للأرض مرة أخرى يوم الأحد المقبل في الساعة 7.31 بتوقيت جرينتش، مشددة على أن جميع التنبؤات مشكوك بها بدرجة كبيرة، وأن المنطقة المعنية تشمل أي جزء من سطح الأرض بين خطوط العرض التي تقع على بعد 41.5 درجة شمالا والدرجة نفسها جنوبا، وفي أوروبا يشمل ذلك أجزاء من إسبانيا وإيطاليا والبرتغال ومالطا واليونان. وبصفة عامة، تعد أجزاء كبيرة من أمريكا الشمالية والجنوبية وجنوب آسيا وإفريقيا وأستراليا من مناطق الخطر وفقًا لوكالة “فرانس برس”.
وكانت وسائل إعلام حكومية صينية قللت في وقت سابق من المخاوف بشأن سقوط حطام الصاروخ، ونقلت صحيفة «جلوبال تايمز» شبه الرسمية باللغة الإنجليزية عن خبير أنه “من المرجح جدا أن يسقط الحطام في المياه الدولية ولا داعي للقلق”، مضيفة أنه من “الشائع في مجال الفضاء” أن يتساقط حطام على الأرض، ووصفت التحذيرات بأنها “لا شيء سوى ضجيج غربي بشأن تهديد الصين فيما يتعلق بتقدم تكنولوجيا الفضاء”.
وقال مكتب المخلفات الفضائية التابع لوكالة الفضاء الأوروبية إنه من المستحيل تقريبا في الوقت الراهن التنبؤ بالأجزاء التي ستنجو في رحلة العودة. وقال الخبراء إن المواد المقاومة للذوبان في ظل درجات الحرارة المرتفعة، مثل هياكل المحركات، تشكل خطرا خاصا، بيد أن معظم الأجسام ستحترق بشكل عام تماما أثناء عودتها، وأنه بما أن جزءا كبيرا من الأرض مغطى بالمياه وأجزاء كبيرة غير مأهولة، فإن الخطر على الأفراد أقل بكثير من المخاطر اليومية مثل قيادة السيارات.
من ناحية أخرى، كشف الدكتور والباحث في علوم الفضاء، حنا صابات، الرئيس الأسبق للجمعية الفلكية الأردنية، عن أن حادثة الصاروخ الصيني لم تكن الأولى ولا الأسوأ من بين حوادث حصلت سابقا، فعلى سبيل المثال سبقها حالة في عام 1979 عندما فُقد المختبر الفضائي الأمريكي «سكاي لاب» بكتلة تقدر بـ 76 طن أي ما يعادل 3 أضعاف الكتلة الحالية للصاروخ الصيني.
وقال صابات في حديث نشرته «روسيا اليوم»، إن إحدى الفرضيات لأسباب فقدان السيطرة على الصاروخ، هي خطأ تقني، بينما الفرضية الأخرى ترجح عدم وجود نية سابقة لدى الصين للحفاظ على مسار الصاروخ ومتابعته، نظرا لأنه سيحترق عند دخوله الغلاف الجوي ولن يسبب أضرارًا كبيرة، مضيفًا أن الميل المداري للصاروخ يقدر بنحو 40 درجة عن مستوى الاستواء، ونظرا لأنه يدعى بـ”مدار قريب من الأرض” فبالتالي مساره يغطي خطوط العرض التي تتراوح بين 41 درجة شمال خط الاستواء ومثلها جنوب الخط، وهو ما يجعل الكثير من الدول والعواصم والمدن الرئيسة حول العالم ضمن دائرة سقوطه.
أما فيما يخص احتمالية تسبب الصاروخ الخارج عن السيطرة بأضرار مادية كبيرة، أوضح الدكتور حنا أن الاحتمالية ضعيفة، وخاصة أن أكثر من ثلثي الكرة الأرضية مياه، وبالتالي فإن فرضية سقوطه في مسطحات مائية هي أكبر بكثير من احتمالية سقوطه على مبان سكنية أو على مساحات مأهولة، رغم عدم وجود معلومات دقيقة حول توقيت وصوله، والذي سيكون هناك إمكانية لمعرفتها وتعقبه خلال ساعات قليلة فقط بعد دخوله للغلاف الجوي.
وفيما يخص القلق العالمي من هذا الصاروخ أعرب الرئيس الأسبق للجمعية الفلكية الأردنية، عن تعجبه من التضخيم الكبير الذي رافق هذا الصاروخ، خاصة وأن المقالات العلمية تتحدث عن الموضوع بشكل طبيعي وبعيد عن التهويل الذي يحصل، مرجحًا أن الصاروخ الصيني يتم استخدامه لأهداف سياسية معروفة للجميع.
فيما قال عالم الفيزياء الفلكية جوناثان ماكدويل، من مركز هارفارد وسميثسونيان، للفيزياء الفلكية في كامبريدج في الولايات المتحدة لوكالة الأنباء الألمانية، في وقت سابق من هذا الأسبوع إنه سيكون “في أسوأ الأحوال مثل تحطم طائرة صغيرة لكنه امتد في خط يزيد على مئات الكيلومترات”، وقال إنه من غير المؤكد عدد الشظايا المتبقية بعد العودة، “ولكنها تكفي لإحداث أضرار”.
فيما توقعت وزارة الدفاع الأمريكية «البنتاجون» أن يسقط الجزء الأكبر من حطام الصاروخ الذي أطلقته محطة فضاء صينية على الأرض في وقت مبكر من يوم السبت المقبل، وذكرت في بيان أوردته قناة «الحرة» الأمريكية مساء أمس الأربعاء، أنه لا يمكن تحديد المكان الذي سيسقط عليه حطام الصاروخ “إلا قبل ساعات قليلة عن سقوطه”، مضيفًا أن “الحطام يمكن أن يشكل تهديدات محتملة لسلامة الرحلات الفضائية ومجال الفضاء”.
وكانت وكالة الفضاء الصينية قد أطلقت بنجاح الوحدة الأساسية «تيانخه» لمحطتها الفضائية إلى المدار المحدد باستخدام صاروخ «لونغ مارتش – 5 بي واي 2»، بهدف البدء تجهيز المحطة الفضائية الصينية وبنائها في المدار الفضائي بصورة شاملة.
وعادة ما تضع هذه الصواريخ حمولتها في مدار الأرض وتعود للهبوط في مكان محدد مسبقاً أو تحترق وتتفتت في غلاف الأرض، إلا أن الصاروخ الصيني خرج عن السيطرة ويدور حاليًا في مدار الأرض ومن غير المعروف بعد مكان سقوط حطامه.