السودان .. التغيير المناخي يهدد بأمطار وفيضانات موسمية خطيرة
تسببت الامطار الغزيرة والفيضانات في معظم انحاء السودان في سلسلة من الدمار بما في ذلك الاضرار التي لحقت بالمنازل والبنية التحتية والاراضي الزراعية وسبل العيش الاخرى.
ويعد تغير المناخ في العالم سببا رئيسيا في المشكلة خاصة فيما يتعلق بظاهرتي (النينو) و(النينا) التي يتعرض فيها سطح البحر لدرجات حرارة أعلى أو أبرد من المعتاد في المحيط الهادئ اذ يؤدي الاختلافات في درجات الحرارة عبر المحيط لطقس متطرف في جميع أنحاء العالم.
وفي هذا الصدد قال المتحدث باسم الإدارة العامة للدفاع المدني عبد الجليل عبد الرحيم لوكالة الانباء الكويتية (كونا) اليوم الجمعة ان “84 شخصا لقوا مصرعهم واصيب 67 آخرون بجروح في إحدى عشرة ولاية بالسودان منذ بداية موسم الامطار” موضحا ان القتلى لقوا مصرعهم اما غرقا أو صعقا أو جراء انهيار منازلهم”.
ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة أثرت الأمطار الغزيرة والفيضانات المفاجئة على أكثر من 288 الف شخص في جميع انحاء السودان منذ شهر يوليو الماضي وذلك بعد هطول امطار غزيرة وفيضانات في 13 ولاية من أصل 18 ولاية.
وقال مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية (أوتشا) في بيان صادر عنه يتضمن احصائيات حتى النصف الاول من سبتمبر انه تم تدمير حوالي 13400 منزل فيما الحقت اضرار بأكثر من 43700 منزل وتأثر عدد غير مؤكد من مرافق البنية التحتية العامة والأراضي الزراعية.
ويشهد السودان سنويا خلال الفترة ما بين شهري يونيو واكتوبر أمطارا غزيرة غالبا ما تؤدي الى فيضانات تتسبب في تدمير او تضرر ممتلكات وبنى تحتية وفي اتلاف محاصيل زراعية.
واضطرت السلطات السودانية في العام الماضي الى اعلان حالة الطوارئ لمدة ثلاثة أشهر بسبب هطول الأمطار الغزيرة التي الحقت اضرارا بحوالي 650 ألف شخص على الاقل ودمرت كليا او جزئيا أكثر من 110 آلاف منزل.
من جانبه قال الخبير في قضايا المياه سلمان محمد أحمد سلمان ل (كونا) ان النيل سيواجه تقلبات كبيرة بسبب التغيرات المناخية مشيرا الى ان الزيادة السكانية ساهمت في التدهور البيئي في معظم دول العالم وادت لتغييرات مناخية حادة.
واضاف ان هذا التباين الكبير في مستويات متوسط هطول الأمطار بفعل التغييرات المناخية من الممكن ان يتسبب في مشكلة حقيقية في حالة استمراره لفترات طويلة”.
وبدوره قال الاستاذ في مجال الهيدرولوجيا والمناخ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الفاتح الطاهر ل (كونا) ان ظاهرة الاحتباس الحراري ادت الى تزايد كثافة ظاهرة (النينو) على منطقة المحيط الهادئ وهو ما تسبب في تزايد معدلات الامطار السنوية في الهضبة الاثيوبية واحواض النيل الشرقية التي تمثل المصادر الرئيسية للنيل الازرق الذي يغذي مجرى النيل بنحو 80 في المئة من المياه.
واشار الطاهر الى ان التعرف على تأثيرات ظاهرة (النينو) على امطار الهضبة الإثيوبية يساعد على التنبؤات الموسمية لمنسوب النيل وهو يمثل اهمية كبيرة في توفير معلومات مهمة في رسم الاستراتيجيات المائية.
واوضح ان انماط هطول الامطار تحدث تغييرا من شأنه ان يؤدي على الارجح الى زيادة متوسط التدفق السنوي لنهر النيل بنسبة من 10 الى 15 في المئة وهذا يعني ارتفاع في النسب الحالية 80 كيلو مترا مكعبا في كل عام الى نحو 92 كيلو مترا مكعبا سنويا كمتوسط خلال القرن ال21 مقارنة بالمتوسط في القرن الماضي.
وقال الطاهر الذي عمل منذ وقت مبكر على دراسة ظاهرة (النينو) وتأثيراتها على نهر النيل انه يتم الان اصدار توقعات الفيضانات الموسمية باستثمار تأثيرات (النينو) وهو ما يعطي مهندسي الموارد المائية وقتا كافيا لاتخاذ ما يلزم معربا في الوقت ذاته عن الحاجة لضمان الامن المائي عبر استراتيجيات ادارة البنى التحتية للدول المعنية “تلافيا لأي توتر من الممكن أن يحدث جراء هذه الظاهرة”.