في اليوم العالمي للغة العربية: أثبتت ثراءها وقدرتها على تحقيق التواصل الحضاري ومواكبة عصر الرقمنة

0

(كونا) – يحتفي العالم في ال18 من شهر ديسمبر سنويا بيوم اللغة العربية تلك اللغة التي أثبتت ثراءها وحيويتها وقدرتها على تحقيق التواصل الحضاري ومواكبة عصر الرقمنة والتطور التقني رغم كل التحديات.

فاللغة العربية التي توصف بأنها (البحر في أحشائه الدر كامن) تزخر بكلمات ومعان فريدة وفنون وأساليب مختلفة سواء شفهية أو مكتوبة أو فصيحة أو عامية أو نثرية أو شعرية بالإضافة إلى فنون الخط العربي المختلفة مما حدا بالأمم المتحدة إلى إدخالها ضمن اللغات الرسمية منذ 1973.

ومن المعلوم أن (العربية) وهي لغة القرآن الكريم الذي نزل (بلسان عربي مبين) ساهمت في الحفاظ على التراث العالمي من خلال حفظها للأشعار والأحداث والمناسبات إضافة إلى نقل المعارف والعلوم وترجمة الكتب القديمة اليونانية والرومانية لمختلف الحضارات.

وفي هذا الشأن قالت أستاذة الدراسات العليا واللغة العربية في جامعة الكويت الدكتورة ليلى السبعان في تصريح لوكالة الأنباء الكويتية (كونا) اليوم الجمعة إن العالم يحتفي باللغة العربية في ال18 من شهر ديسمبر سنويا لما لها من أهمية كبرى في التواصل بين الناس ولعراقتها.

وأضافت السبعان أن أهمية اللغة العربية تكمن في أنها لغة تحمل في طياتها تاريخ المضمون الإنساني شعرا ونثرا وفنا وأدبا وأمثالا وحكما بالإضافة إلى أنها لغة (القرآن الكريم) الذي يتحدث به كل مسلم في مختلف دول العالم سواء كان عربيا أو أعجميا.

واقترحت فكرة إنشاء مجمع للغة العربية في دولة الكويت لمزيد من الاهتمام والتبحر في اللغة العربية وعلومها.

وشددت على أهمية الاستفادة من اللغة في مختلف العلوم والمجالات فهي قادرة على احتواء الكثير من العلوم الحديثة مبينة أن فترة الستينيات من القرن الماضي شهدت ظهور تخصصات جديدة للغة مثل علم اللغة الجغرافي وعلم اللغة التاريخي وعلم اللغة النفسي وعلم اللغة الاجتماعي.

وبينت السبعان أن اللغة متطورة مثل الإنسان فقد يتم إلغاء بعض المفردات وإحياء أخرى من خلال التواصل الحضاري مع بقية الحضارات والشعوب وتبادل الكلمات والجمل والتراث وغيرها من العلوم.

من جانبه قال رئيس مجلس إدارة جمعية (جود الخيرية) التي تعنى بنشر اللغة العربية وتعليمها عبدالعزيز الزايد في تصريح مماثل ل(كونا) إن اللغة ظاهرة اجتماعية بشرية وأداة اتصال تكتسب أهميتها من قدرتها على التعبير عن بيئتها وحاجات الأفراد إليها والوفاء بمتطلباتهم الفردية والجماعية في التواصل فيما بينهم.

وأضاف الزايد أنه إذا كانت اللغة الآدمية وسيلة اتصال بشرية على المستويين الفردي والجماعي بصيغتها المباشرة كفعل فسيولوجي فردي ينقل للآخر أفكار المتكلم ورسالته فإنها على المستوى المجتمعي وسيلة اتصال بين الشعوب.

وأوضح أن اللغة من أهم قنوات التواصل الحضاري بين الشعوب إذ تفرض اللغات الحية حضورها على الساحة الثقافية والعلمية لقدرتها على نقل مدلولات الثقافة والعلم والأحاسيس والرموز الخاصة لمجتمعاتها سعيا للتواصل مع المجتمعات الأخرى مشيرا إلى أن (اللغة) ليست مجرد أصوات وألفاظ ومصطلحات بقدر ما هي وسيلة لنقل ثقافتها ومساهماتها لرفد الحضارة الإنسانية.

وأشار الزايد إلى أن تاريخ اللغة العربية يزخر بالشواهد التي تبين الصلات الكثيرة والوثيقة التي تربطها بعدد من لغات العالم الأخرى إذ مثلت حافزا على إنتاج المعارف ونشرها وساهمت في نقل المعارف العلمية والفلسفية اليونانية والرومانية إلى أوروبا في عصر النهضة إضافة إلى إقامة حوار ثقافي من سواحل الهند إلى القرن الإفريقي.

من ناحيتها أكدت رئيس قسم اللغة العربية في كلية التربية الأساسية الدكتورة فاطمة العازمي في تصريح مماثل ل(كونا) أن التواصل الحضاري بالمفهوم العميق للحضارة يستهدف تلاقح الثقافات الإنسانية وتحقيق الاندماج والتناغم الاجتماعي عن طريق التبادل المعرفي وهو ما يقود الإنسانية إلى الاستقرار وتعزيز احترام التنوع الثقافي وهو ضرورة من ضرورات التعايش والتفاهم بين الشعوب.

وأوضحت العازمي أن هذا التواصل يتطلب أدوات لتحقيقه وأن اللغة العربية قامت على مر التاريخ بهذا العبء من خلال قنوات عدة منها حركة النقل والترجمة وتعلم لغات الأمم الأخرى التي مكنت العرب من التعرف على ثقافاتها بهدف التواصل معها والإفادة مما هو مناسب منها.

وبينت أنه قد يوحي تعلم اللغات الأخرى عند بعض المهتمين والمعنيين بالأصالة الثقافية والفكرية بشيء من الضعف أو التبعية أو الهوان الثقافي من منطلق الخوف على اللغة وما تحمله من معاني الانتماء الثقافي والحضاري إلا أن الواقع أثبت عكس ذلك فالأمة الإسلامية منذ بعثة الرسول الكريم وهي تسير من قوة إلى أقوى.

ولفتت إلى أن اللغة ساهمت في انتشار بيوت العلم ودور الحكمة والمكتبات وكان لها الأثر الفاعل في ثقافة المسلمين ونشرها بين الأمم الأخرى مشيرة إلى تشجيع الخلفاء المسلمين لحركة النقل والترجمة إذ أغدقوا العطاء على النقلة والمترجمين والمؤلفين وقربوهم واستعانوا بهم في أمور الخلافة مما كان لهذا أثره على العلم نقلا وتأليفا.

بدوره قال أستاذ اللغة العربية في جامعة الكويت الدكتور يوسف العويهان ل(كونا) إن “اللغة تعد نظاما صوتيا له دلالاته ورموزه وهي بذلك قابلة للنمو والتطور وتخضع في ذلك للظروف التاريخية والحضارية التي يمر بها المجتمع فهي كائن حي تنهض وتتطور عبر الزمن كلما اتسعت حضارة الأمة”.

وأضاف العويهان أن اندماج المجتمعات البشرية لأي سبب كان أدى إلى تداخل اللغات فأوجب التأثر والتأثير من لغة إلى أخرى وبأشكال مختلفة وظهر ذلك جليا في حركة الترجمة التي برزت في بداية العهد العباسي فتعددت الروافد وتنوعت وهذا ما يبرز دور اللغة في الحضارة كوسيلة للتواصل والتطور.

وأشار إلى أن اللغة العربية تعد وعاء ثقافيا للأمة الإسلامية كونها لغة (القرآن الكريم) و(الحديث النبوي الشريف) حيث تميزت بمجموعة من الخصائص أهمها (الاشتقاق) وهو توليد لبعض الألفاظ من بعض والرجوع بها إلى أصل واحد يحدد مادتها والاعراب الذي يعد من أوضح خصائص اللغة العربية.

وأضاف أن اللغة العربية تتميز عن غيرها من اللغات بوفرة الأصوات فلا التباس في حرفين من حروفها بين مخرجين ولا في مخرج من مخارجها بين حرفين مبينا أن للغة العربية تأثيرا واضحا في اللغات الأخرى كالفارسية والتركية والأوردية فأدخلت إليها حروف الكتابة وكثيرا من الألفاظ.

وقال عضو مجلس إدارة رابطة الأدباء الدكتور محمد البغيلي ل(كونا) إن اللغة العربية من اللغات القديمة الحية كتابة وشفاهة ولها قيمة ثقافية وحضارية معاصرة لأنها ذات قيمة اجتماعية فاعلة واقتصادية من خلال الكتابات والمراسلات والعقود ولا تزال تدرس في المعاهد والجامعات والمدارس.

وذكر البغيلي أن اللغة العربية من ضمن اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة وهذا الأمر يدعو إلى “الفخر والاعتزاز” بأن تكون من ضمن اللغات المتحدث بها في هذا المحفل العالمي.

وأكد أن (العربية) رغم قدمها لا تزال موجودة وقادرة على التطور المنطقي مع الزمن والتاريخ والمجتمعات والأديان مشيرا إلى أن دخول الإسلام في المنطقة ونزول (القرآن الكريم) باللغة العربية ساهم في حيوية اللغة وانتشارها.

ولفت إلى أن اللهجات الحالية لم تؤثر على أصل اللغة العربية أو قواعدها أو معانيها فهي لغة قوية في المعنى والمبنى ومنتشرة عالميا ويتحدث بها في 22 دولة كما أنها معتمدة كلغة ثانية في عدد من الدول الإسلامية و”لها مستقبل باهر ووجود قوي في مواقع التواصل الاجتماعي وأجهزة البرمجة الحاسوبية والهاتفية وبعض الأجهزة التقنية”.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.