السفيرة الأميركية في الكويت : أميركا تشهد حراكاً اجتماعياً لمناهضة التمييز العرقي ولا نخجل من إثارة هذه القضايا لتحقيق التقدم فيها
أكدت السفيرة الأميركية لدى البلاد ألينا رومانوسكي أننا نعيش فترة غير مسبوقة من تاريخ عالمنا المعاصر وذلك لأسباب يعلمها الجميع، موضحة أن الولايات المتحدة تشهد حراكا اجتماعيا لمناهضة التمييز العرقي والذي من الممكن أن يؤدي إلى تغيير حقيقي في طريقة تعاملنا مع العنصرية الممنهجة والتعامل الوحشي للشرطة في بعض الأحيان، لافتة إلى الحزن العميق الذي انتاب الأميركيين بسبب الحادث المأسوي الذي أدى إلى مقتل المواطن الأميركي جورج فلويد، ولقد شهدت الأسابيع التي تلت الحادث تضامن قطاعات عريضة من الشعب الأميركي مع قضيته.
وأشارت رومانوسكي ـ في مجمل كلمتها الافتتاحية خلال الجلسة الحوارية التي نظمتها السفارة الأميركية عن العلاقات العرقية والحراك المدني في الولايات المتحدة بعنوان «الحرية والعدالة للجميع» ـ إلى أن الاحتجاجات التي عمت الولايات المتحدة بسبب هذا الحادث هي الأكبر في تاريخها حيث قام بها حوالي 26 مليون نسمة من أكثر من 2000 مدينة، وهذه الحركة الاحتجاجية نتجت عنها حركة عالمية تفاعل معها الناس من أكثر من 60 دول في مختلف أنحاء العالم.
ولفتت إلى أن الدستور الأميركي ينص على حق المواطنين في العيش بسلام وعدم جواز المساس بحقوقهم في أن يكونوا آمنين في اشخاصهم ومنازلهم ومستنداتهم ومقتنياتهم ويحميهم من اعتداءات الشرطة والسلوكيات غير المسؤولة من بعضهم، موضحة أن الولايات المتحدة كدولة يحكمها القانون تبذل قصارى جهدها لتحقيق العدالة في القضية المأساوية لجورج فلويد وكل القضايا المماثلة وتبحث كل سبل الحماية لمواطنيها من مختلف أشكال العنصرية البغيضة والتي تمثل تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة.
وتابعت: لا نخجل من إثارة مثل هذه القضايا وذلك من أجل تحقيق التقدم في مثل هذه الملفات، والدول بالتأكيد تزداد قوة بقدر ممارسة مواطنيها لحرية التعبير وبقدر ارتفاع معدلات حرية الصحافة، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة كدولة حرة ومنفتحة تسعى بفخر الى مساعدة الدول على تطوير وحماية الحريات وتأخذ قضية حقوق الإنسان على محمل الجد وترحب بالحوار في قضايا التمييز العنصري والمساواة ويعتبر ذلك أحد أهم أسباب عقد هذه الجلسة الحوارية.
وأضافت: نهتم بحقوق الانسان في الكويت والتحديات المختلفة التي تواجهها ونرحب بالمبادرات ونسعى لبناء بيئة من الثقة والاحترام المتبادل بيننا، موضحة أن السفارة الأميركية في الكويت من أكثر السفارات تنوعا من حيث العاملين فيها حيث تضم عاملين من 27 جنسية وهي وسيلة مهمة لمحاربة العنصرية، لافتة إلى أن الكويت ستشهد انتخابات برلمانية بنهاية هذا العام، معربة عن أملها في أن تكون مشاركة عريضة من قبل النساء والشباب.
وذكرت رومانوسكي زعيم حركة الحقوق المدنية بالولايات المتحدة جون لويس والذي وافته المنية مؤخرا عن عمر ناهز الـ 81 عاما كنموذج للنضال في مجال حقوق الانسان وحارب العنصرية والقوانين غير العادلة.
من جهتها، اكدت الناشطة الحقوقية الأميركية د. كارولين جيفرسون جينكيز أن الولايات المتحدة لاتزال تصارع الممارسات العنصرية والظلم الاجتماعي الممنهج ضد الأقليات، مشيرة إلى الجهود التي تبذل للحفاظ على قوانين الحقوق المدنية ومبادئ الدستور الاميركي بالرغم من التراجع الذي تشهده الولايات المتحدة في الحفاظ على الحريات والمساواة، موضحة أن بلدها ستشهد انتخابات رئاسية قريبة، معربة عن أملها في ان تساهم في تغيير هذا الواقع وهو ما يتطلب تغييرا في الافعال ومسؤولية مجتمعية وإرادة لإحداث التغيير وخلق مجتمع متوازن.
من جانبها، أشارت د.حنان الهاجري إلى ان المجتمع الاميركي يتكون من العديد من الاطياف من البشر وانه منذ تأسيس الولايات المتحدة وتوجد فوراق بين المواطنين البيض القادمين من اوروبا والمواطنين من أصول افريقية، لافتة إلى أنه رغم وصول رئيس من أصول أفريقية الى سدة الحكم الا ان الامور عادت الى سابق عهدها بعد تولي رئيس ابيض زمام الحكم.
واشارت الى ان الفوارق الموجودة تظهر في الوظائف والاجور حيث ان المواطنين من اصول افريقية يتقاضون دخلا ادنى من نظرائهم الموظفين من ذوي البشرة البيضاء، كما ان النساء من أصول افريقية يعانين معاناة مزدوجة في المجتمع الاميركي، فضلا عن أن السجون الاميركية مليئة بأصحاب البشرة السمراء وضحايا القتل في الولايات المتحدة معظمهم من أصول افريقية، داعية إلى حوار وطني لتفادي الفصل العنصري الذي تشهده الولايات المتحدة.
وعن المزاعم المتعلقة باتهام الكويت بانتشار العنصرية، قالت ان المقارنة غير منطقية بما يحدث في الولايات المتحدة من فصل عنصري وما يحدث في الكويت مع بعض الفئات التي تتعرض للظلم من العمالة الاجنبية مشيرة، الى أن فيروس كورونا (كوفيد ـ 19) أظهر مساوئ نظام الكفيل، موضحة أن الحكومة الكويتية تدرس عملية إلغاء هذا النظام الجائر.
من جانبه، لفت د.علي الكندري من جامعة الكويت تأثر العالم العربي خلال 300 سنة الاخيرة بالعالم الغربي في تحديد مفهوم الدولة الحديثة رغم ان العالم الغربي خرج من احتكار الكنيسة الى احتكار القومية، مشيرا الى ان تاريخ الولايات المتحدة مرتبط بنقل العبيد من القارة الافريقية الى الارض الجديدة لخدمة البيض بما يعرف بنظام السخرة.
وأضاف: على الرغم ان معظم هؤلاء من المسيحيين الا ان المجتمع الاميركي لم يتقبلهم بل اسسوا كنائس خاصة بهم ولديهم تجمعات خاصة بهم ايضا، موضحا ان مقارنة ما يحدث في الولايات المتحدة بما يحدث مع العمالة الاجنبية في الكويت مقارنة مجحفة، مشيرا الى ان هناك ابتزازا من قبل بعض الكفلاء للعمالة كما أن هناك تراخيا في تطبيق القانون مما يؤدي الى التمادي للبعض في استغلال هذه العمالة، داعيا إلى تعزيز القيم التي تحارب العنصرية من خلال الخطاب الاعلامي وتغيير المناهج التعليمية وعبر الفضاء الالكتروني.
وقال: صحيح ان هناك ممارسات سلبية في الكويت مع بعض الفئات لكنها ارحم بكثير مما يحدث في الولايات المتحدة من تفرقة وقتل لذوي البشرة السمراء.