د. الفيلي: بعض التشريعات قررت قاعدة عامة تسمح للبرلمان بالتفاعل مع الطوارئ والاستمرار باجتماعاتها وفق الحدث الطارئ
قال الخبير الدستوري، وأستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي «الأصل أن يعمل البرلمان في مقر معد لاجتماعاته، فتنعقد اجتماعاته في المكان المحدد له، وبعض الدساتير تشترط ذلك لصحة اجتماعاته. وقد يطرأ أمر يجعل ذلك غير ممكن، بيد أنه أمام الطوارئ تتعدد الحلول، فبعض التشريعات المنظمة لعمل البرلمان احتاطت لذلك، وقررت قاعدة عامة تسمح للبرلمان بالتفاعل مع الطوارئ والاستمرار باجتماعاتها وفق الحدث الطارئ. وبعضها بمناسبة انتشار وباء كوفيد 19، استحدثت قواعد وعدة نظم تسمح لها بالاجتماع عن بعد».
ذكر الفيلي في مقدمة لاقتراح بقانون أعده طلبة الدراسات العليا لمادة «الدستوري» يتبنى نظاما لعمل مجلس الأمة في فترة الطوارئ أن موقف الدستور الكويتي في هذا الموضوع يستحق وقفة، فهو في المادة 90 قرر بمناسبة تنظيم عمل مجلس الأمة ان «كل اجتماع يعقده المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلا، وتبطل بحكم القانون القرارات التي تصدر عنه»، وينصرف حكم النص للاجتماعات العامة للمجلس، وإذا لم نرغب في التوسع بفهم مقاصده. لنقل ان مد الحكم لأعمال اللجان غير مؤكد وفق النص السابق، وبالتالي يمكنها تنظيم اجتماعاتها عن بُعد، مع وجوب الالتزام بالقواعد التي تحكم الاجتماعات الحضورية مثل وجوب توافر نصاب الانعقاد.
وأوضح الفيلي: ان نص المادة 90 هو رد فعل على حادثة وقعت في مصر كما تشير لذلك مناقشات لجنة الدستور. ومع ذلك فإن الواقع لم يصرف نظر من وضع الدستور ان صروف الزمان قد تضع المؤسسة البرلمانية امام واقع يمنع اجتماع المجلس في مقره، ولذلك هو استدرك فقرر حكما تكميليا في المذكرة التفسيرية. فأورد في المذكرة التفسيرية ان «نص هذه المادة لا يمنع دستوريا اجتماع المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه، إذا دعت ضرورة لذلك ووفقاً لنظرية الضرورة وبشروطها القانونية المقررة».
ولفت الفيلي إلى أن الحكم السابق يقود إلى وجوب صدور قانون يحدد آلية تقرير وجود الضرورة والأحكام المقررة عند نشوئها، علما بأنه من غير المنطقي افتراض شكل واحد محدد للضرورة، فكما ينتج عن انتشار الوباء حالة ضرورة قد تنشأ بفعل أنواء الطبيعة أو أي شكل آخر من المخاطر. وحدوث الطوارئ لا يجوز أن يؤدي لشلل المؤسسات الدستورية. وقد وصل طلبة مادة القانون الدستوري مع التعمق في برنامج الماجستير للعام الدراسي القائم والذي تنظمه كلية الحقوق، بعد دراسة النصوص القائمة والمنظمة لعمل مجلس الامة، الى اهمية تقديم نموذج مقترح للتعامل مع هذا الواقع. وأضاف «أظن أن مثل هذا التفاعل مع احتياجات المجتمع أمر إيجابي من الجامعة، فهي ان كانت وظيفتها الاولى تقديم برامج دراسية في اطار التخصصات التي تعرضها، فإن تشجيع الطلبة على التفاعل مع الواقع ومحاولة تقديم حلول لاحتياجات المجتمع أمر يضيف للتعليم جانبا إيجابيا».
وقال الفيلي انه تم اعداد النص المقترح وفق آلية مجموعات البحث، فتم تشكيل مجاميع كل منها اخذ جانبا من العمل التحضيري:
• فريق استكشف نصوص اللائحة الداخلية للمجلس، فهي وفق المادة 117 الأداة القانونية التي يمكن التعامل معها لتحقيق الشرط المقرر في المذكرة التفسيرية، وقدم هذا الفريق اقتراحاته.
• فريق استكشف نصوص الدستور ذات الصلة كي لا يتعارض النص المقترح معها.
• فريق جال على معطيات القانون المقارن كي يضع امام المجموعة التوجهات التي يعرفها القانون المقارن لتعامل البرلمان مع الطوارئ.
• فريق درس آليات صناعة التشريعات وأيها يصلح للتجربة التي هم بصددها.
وبعد التأمل في المعطيات السابقة والتباحث فيها، نشط فريقان، احدهما قدم مشروع صياغة اقتراح القانون، والآخر قدم الصياغة المقترحة للمذكرة الإيضاحية.
والنص الذي أمام القارئ هو نتيجة نقاش جماعي لقبول أو لتعديل النص المقترح من فرق الصياغة.
والمناقشات قادت لتأكيد أن الثوب المقبول دستوريا لتفعيل هذه الفكرة هو الاقتراح بقانون.
وختم الفيلي قائلا: باسم طلبتي أقدم مشروعهم، وهو ضمن برنامجهم الدراسي كشكل من اشكال تفاعل الجامعة مع المجتمع، وشكل من مساهمة ابناء المجتمع بالتفاعل مع احتياجاته.
من جانب آخر، أنجز طلبة الدراسات العليا لمقرر القانون الدستوري في كلية الحقوق بجامعة الكويت تحت إشراف د. محمد الفيلي اقتراحاً بقانون بتنظيم عمل مجلس الأمة في حالة الطوارئ.
وتضمن الاقتراح، الذي تنشره «الجريدة»، بياناً لحالة الطوارئ بأنها حالة استثنائية يتعذر معها سير عمل المجلس في الأوضاع الطبيعية ، كما تضمن تنظيم عقد جلسات مجلس الأمة أثناء فترة الطوارئ وإمكان عقدها في الجلسة العادية أو جلسة افتراضية.
وفيما يلي نص المقترح، وكذلك المذكرة التفسيرية له:
– بعد الاطلاع على الدستور
– وعلى القانون رقم (12) لسنة 1963 في شأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة والقوانين المعدلة له.
– وافق مجلس الأمة على القانون الآتي نصه، وقد صدقنا عليه وأصدرناه:
(المادة 1)
يضاف (للفصل الأول من الباب الثاني) للقانون رقم 12 لسنة 1963 مواد جديدة بأرقام (66 مكرراً – 66 مكرراً 1 – 66 مكرراً 2 – 66 مكرراً 3 – 66 مكرراً 4 – 66 مكرراً 5–66 مكرراً 6) نصوصها الآتي:
(مادة 66 مكرراً)
استثناءً من أحكام المواد (24) (35) (36) (37) (49) (54) (69) (70) (72) (73) (85) (124) (180) تسري هذه القواعد على عمل المجلس في حالة الطوارئ.
(مادة 66 مكرراً 1)
حالة الطوارئ هي حالة استثنائية يتعذر معها سير عمل المجلس في الاوضاع الطبيعية.
(مادة 66 مكرراً 2)
يختص رئيس مجلس الأمة بإعلان حالة الطوارئ وانتهائها.
(مادة 66 مكرراً 3)
يجوز بما يتناسب مع حالة الطوارئ اجتماع المجلس بالمكان والزمان الذي يحدده مكتب المجلس.
(مادة 66 مكرراً 4)
تسري أحكام المادة 19 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة في حالة الطوارئ.
(مادة 66 مكرراً 5)
يكون أخذ الآراء عند إعلان حالة الطوارئ وفقاً للأحكام الواردة في هذا الفصل بالآلية والطريقة التي يحددها مكتب المجلس عند إعلان رئيس المجلس لتلك الحالة، وبما يتناسب مع طبيعتها، على أن يراعى التوفيق مع الأحكام الواردة في المادة 110 من هذا القانون بما يتناسب مع حالة الطوارئ القائمة.
(مادة 66 مكرراً 6)
يكون حضور الأعضاء في جلسة الطوارئ بالتواجد في مكان الجلسة الفعلي أو الافتراضي وإثبات الحضور في جلسات الطوارئ سواء بمكان الجلسة الفعلي أو الافتراضي عن طريق المناداة بالاسم، ولا يجوز للعضو الذي حضر الجلسة الانصراف منها نهائياً قبل ختامها إلا بإذن من الرئيس.
(المادة 2)
على رئيس مجلس الوزراء والوزراء – كل فيما يخصه- تنفيذ هذا القانون، ويعمل به من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية.
أمير الكويت
صدر في:
المذكرة الإيضاحية
للقانون رقم ( ) لسنة 2020
بتعديل أحكام القانون رقم (12) لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة
مما لا شك فيه أن الأزمات والظروف الاستثنائية التي قد تمر بها دولة الكويت لأي طارئٍ كان؛ قد تؤثر على عمل المرافق العامة وبشكلٍ خاص على استمرار وانعقاد جلسات مجلس الأمة، الأمر الذي يترتب عليه تعطيل المرافق العامة تحقيقاً للحماية بشتى صورها والحفاظ على المصلحة العامة.
ونظراً لما طرأ في العالم بشكل عام ودولة الكويت بشكلٍ خاص منانتشار لجائحة كورونا، الأمر الذي ترتب عليه صدور قرارات من مجلس الوزراء بتعطيل المرافق العامة والخاصة في دولة الكويت حمايةً للأمن والصحة العامة.
فقد جاء الاقتراح بقانون بتعديلأحكام القانون رقم (12) لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة لتقرر وضع آلية عامة لعمل المجلس في حالة الطوارئ؛ إذ لم تقتصر فقط على حالة الاجتماع عن بعد أو وفق بيئة افتراضية، إذ يصعب تحديد طبيعة حالة الطوارئ وما قد تستلزمه من آلية تنظم بها عمل مجلس الأمة خلال هذه الفترة، وحفاظاً على استمرار وانتظام عمل المجلس في مثل تلك الظروف الاستثنائية، إذ يمكن لأعضاء المجلس مواجهة هذه الظروف والتصدي لها بما قد تستلزمه من قوانين عاجلة وإجراءات ضرورية.
أضاف الاقتراح بقانون تعديلاً جديداً يسري على عمل مجلس الأمة في حالة الطوارئ، التي تؤثر بشكل مباشر أو غير مباشر على انعقاد الجلسات وعمل اللجان داخل مجلس الأمة؛ ذلك استثناءً من القواعد الخاصة لآلية العمل في الظروف العادية.
المادة (66 مكرراً1)
نصت المادة على تعريف حالة الطوارئ باعتبارها مجموعة من الإجراءات والتدابير التي يلجأ لها عند تعذر استمرار عمل المجلس أو اللجان نتيجة لظروف استثنائية سواء كانت تتعلق بالأمن أو البيئة أو الصحة العامة أو غيرها، وذلك استثناءً من القواعد الخاصة بعمل المجلس في الظروف العادية، التي يتعذر اللجوء إليها بسبب حالة الطوارئ.
المادة (66 مكرراً 2)
بينت هذه المادة القواعد الإجرائية من حيث المختص بإعلان حالة الطوارئ ابتداءً وانتهاءً، وإعمالاً لاستقلالية السلطة التشريعية فقد أسند هذا الاختصاص لرئيس مجلس الأمة كونه المنوط به إدارة الجلسات.
المادة (66 مكرراً 3)
وضعت هذه المادة استثناءً على عدم جواز انعقاد اجتماعات المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه، إذ قد يترتب على حالة الطوارئ تعذر إمكانية انعقاد اجتماعات المجلس أو اللجان داخل مبنى المجلس؛ لذا يجوز لمكتب المجلس بعد إعلان حالة الطوارئ تحديد المكان والزمان الخاص بانعقاد المجلس أو اللجان دون أن يترتب على هذا الاجتماع البطلان.
وقد أخذ بتفعيل دور مكتب المجلس في تحديد المكان والزمان الخاص بانعقاد الجلسات أو اللجان كنوع من الرقابة عندما يقرر الرئيس وجود حالة الطوارئ.
المادة (66 مكرراً4)
نظراً لكون المادة (110) من الدستور تمنح عضو مجلس الأمة الحصانة البرلمانية والتي تشمل الأقوال والأفعال التي تصدر منه أثناء تأدية وظيفته البرلمانية وأجمع الفقه؛ بأنها فقط تكون داخل المجلس أو لجانه؛ وكون أنه بإعلان حالة الطوارئ قد يعقد المجلس أو اللجان خارج مبنى مجلس الأمة أو في أي مكان يحدده مكتب المجلس، وبالتالي فإن هذه الحصانة تمتد لتشمل أيضاً مكان انعقاد الجلسات أو اللجان أياً كان هذا المكان وطبيعته، وذلك لتمكين عضو مجلس الأمة من أداء وظيفته النيابية.
المادة (66 مكرراً 5)
تنص هذه المادة على آلية التصويت في حالة الطوارئ، إذ يعتمد مكتب المجلس الطريقة المناسبة التي تؤخذ بها آراء أعضاء المجلس بالجلسات أو اللجان المنعقدة وفقاً لطبيعة الانعقاد سواء كانت مادية أو افتراضية، وذلك بعد إعلان حالة الطوارئ من قبل رئيس المجلس.
المادة (66 مكرراً 6) مراعاةً لاختلاف حالة الطوارئ بحسب طبيعة الظرف الاستثنائي، الذي يعوق عمل المجلس مما يستدعي معه الخروج عن الظروف العادية للعمل، وحددت هذه المادة إمكانية التواجد الواقعي-المادي- أو الافتراضي التي تستدعيها حالة الطوارئ؛ ويقصد بالتواجد الافتراضي مجموعة من الأشخاص في بيئة افتراضية وليست واقعية ويعتمدون على المحاكاة الحاسوبية أو أي وسيلة للتخاطب والتواصل فيما بينهم، ولكون هذه البيئة قد تكون افتراضية ويكون إثبات الحضور في الجلسات أو اللجان عن طريق المناداة بالاسم.