منيرة الوقيان تسجل اسمها في تاريخ الكويت كأول امرأة تُمثّل النيابة العامة أمام القضاء

0

سجّلت وكيلة نيابة العاصمة منيرة الوقيان اسمها في تاريخ الكويت، كأول امرأة تُمثّل النيابة العامة أمام القضاء، مترافعة باسمها أمام محكمة الجنايات في جريمة قتل.

فقد وقفت الوقيان مترافعة اليوم، أمام دائرة الجنايات الثانية برئاسة المستشار متعب العارضي، وعضوية القاضيين محمد العتيبي ومحمد الصلال، لتطلب أقصى العقوبة لمواطن وزوجته عذّبا عاملتهما المنزلية حتى الموت، مؤكدة أن المتهمَيْن أساءا للكويت التي «شاءت إرادة الله أن يجعلها بلداً آمناً ويرزق أهلها من الطيبات، فانبجست الأرض من خيراتها تفيء على الكويتيين نفحات من نعم الله التي لا تعد ولا تحصى».

وقالت الوقيان إن القدر جاء بالكويت إلى العالم «يداً رحيمة وقلباً كبيراً، نزح لها الطيبون من الإخوة والأصدقاء من أصقاع الأرض، يطلبون الرزق الحلال، ويسهمون مع أبناء الوطن في نهضته على كل المستويات، فكانوا قسيماً لهم في كدهم ورغدهم سواءً بسواء، لا فرق بينهم بسبب الدين أو الجنس أو العرق.

وعاش الكويتيون، وشركاؤهم في الحياة من عمال المنازل، في تآلف ورحمة ضمن روح الأسرة الواحدة، تحت سقف واحد بلا استكبار ولا احتقار، تلك هي الحقيقة، وكما أن لكل قاعدة شواذ، فقد ضل فريق منهم سواء السبيل، محتقراً للعامل المنزلي، متعالياً على ضعفه، يقسو عليه بلا هوادة، ويعامله بلا إنصاف ولا يعدل في حقوقه، مجسداً لخلق الكراهية في مداها المنفلت، ومنحدراً إلى أبغض الممارسات في معاملته، من تعذيب وتنكيل بصورة متعمدة متكررة، حتى أن بعضهم بلغ فيه الأمر إلى أن ينزل بالإنسان منزلة الأشياء فيهدمه، ثم يبنيه ثم يهدمه، بما يدمر النفس البشرية ويسحق روحها المتوثبة للبقاء، ويدمغها بلطخة العنصرية المقيتة، فتستوي لدى المعنف الحسنة والسيئة ويتشرد نور الضمير منها وينتشر في فضاء الظلام، ذلك أن كل ما تمسه القوة تحط من قدره أياً كان التماس، فاللطخة هي نفسها سواء تعرّض المرء لصفعة مهينة أم أُحرق حياً حتى الموت».

وأضافت «من هنا كان الجزاء لازماً في سبيل الحفاظ على كيان المجتمع من أن ينال منه الإجرام، تحقيقاً للعدالة، وصوناً لركائز وجود المجتمع، إذ فيه أمر الحياة والموت.

ولما كانت الحياة هبة الله المقدسة، فإنه لا يجدر بأحد أن يهدرها إلا بحقها.

ومن هنا سيدي الرئيس نطالبكم بتوقيع أقصى عقاب على المتهمّين نكالاً من الله.

(فكل ساق سيُسقى بما سقى ولا يظلمُ ربُّك أحداً)».

المتهمة انحط شذوذ مشاعرها إلى ما دون وحش الحيوان !

وصفت الوقيان الجريمة التي ارتكبها المواطن وزوجته بحق العاملة المنزلية، فقالت «تمزق من يمر ببصره على أحداثها كمداً، من حال امرأة سردقها العذاب بسياطه فخط أخاديد مزقت ما تبقى من ملامحها، مستبيحاً تلك الروح المسكينة التي رمت بها الأيام في قبر المتهمين فمنها القلب واجف، والنفس مروعة من هول ما لاقت من سوء العذاب، فتارة تلتحف هونها بالوجه وفيناً تصلى بالصدر والظهر والذراعين، وحيناً تتضور جوعاً على هونها والجراح… ذلك إذ أفرغت عليها المتهمة غلها في منظر تعيا به طاقة الإنسان، شهيداً على انحطاط شذوذ مشاعرها إلى ما دون وحش الحيوان.

فلم تحفل بها وأذناها تمزّقان كالغربال.

ولم ترحمها وهي جاثية تحت قدميها وبالخوف يحبس دمعها الهطال.

فلم تذرها إلا عزماً واهياً تنحل آماله الأسقام، وبلاءً على شقاء نبذتها بعيداً وبلا دواء حتى عضها الجوع بنابه وتركها تواجه الموت الزؤام».

هكذا عُذّبت العاملة حتى الموت

فصّلت الوقيان، أمام المحكمة، وقائع جريمة تعذيب العاملة حتى الموت، فقالت إن «الوفاء بعبء الأمانة الثقيلة، يحملنا إلى استقراء الواقع في وجيزه غير المخل بعناصره، ترتيباً إلى مؤداه، لتكتمل بذلك صورة ليال موحشة نكل بها الأمل.

لنرى معاً من خلالها الجرائم التي أحيل بها المتهمان».

وأضافت: «يضرب الواقع بجذوره لبضعة أشهر على وفاة المجني عليها، وذلك لما استخدمها المتهمان في منزلهما، مستعملين القسوة في أبشع صورها والقسر في إخضاعها لأوامرهما، وإجبارها على البقاء في خدمة بيتهما المشؤوم، عبر مصادرتهما جواز سفرها مستغلّين ضعف المسكينة وقلة حيلتها، لتكابد فيهما مصيرها أن تعمل بمهانة، وذلك بأن اعتادت المتهمة على ضربها باستخدام اليد والسلك المعدني على وجهها وأجزاء متفرقة من جسدها، وكذا بحرقها على كلتا يديها وتمزيق أذنيها بالكماشة الحديدية وتجويعها عمداً وإمساك تطبيبها، وهكذا تعذيباً لجسدها وتدميراً لروحها على مرور الأيام الطويلة فيما تعدى عليها المتهم فصفعها على وجهها وحبس عنها أجرها قاصدَين من هذا إجبارها على خدمتهما قسراً وسخرة ففاضت روحها إلى بارئها متأثرة بجراحها».

وتابعت: «هكذا نرى كيف مزقت الكراهية روحاً بريئة، بعد أن غرست أنيابها تنهش ما تبقى من قيم الإنسانية. فلا المجني عليها كفكفت دمعاً لها، ولا هي سئلت عما دهاها.

استسلمت للصمت الأبدي فيما جرى لها، ألا قاتل الله من أرغماها. ذلك كان واقع دعوانا، بما فيه من آلام وآثام».

التصوير… إمعان بالتعذيب

أكدت الوقيان أن «مشاهد تعذيب العاملة لهي من الخزي على الضمير الإنساني، وأجزم أن الحديث فيها عما حباه الله للمتهمة من بسطة في الجسم وعن هزال المجني عليها وضعتها للعذاب، ضرب من ضروب التزيد المخل، الذي لا ينبغي لي أن أخوض فيه حرصاً على ثمين وقت المحكمة، وإيماناً مني بنبض ضمائركم ونفاذ بصيرتكم… غير أن الأمانة تقتضي أن أبين أمراً في بالغ الأهمية هو كيف للمتهمة أن فكرت فقدرت إذ قالت (توجد بعض المقاطع الخاصة بالمجني عليها، أنا أصورها عشان تشوف شكلها قبل عقابها وبعد عقابها شلون يصير)، وهل بعد هذا أكون مطالبة بالمزيد لإثبات القصد الجنائي للمتهمة؟!».

أدلة الاتهام

1- إثبات المسؤولية الجزائية للمتهمين عن الجرائم والمستمدة من اعتراف الزوج بالتحقيقات من ضربه وزوجته للمجني عليها محدثين بها إصاباتها الموصوفة والأدوات التي أرشد عنها والمتوافر عليها ملف القضية.

2- تطابق الملامح والسمات الشكلية للمتهمة مع المرأة الظاهرة بالمقاطع التصويرية والتي تعتدي على المجني عليها بيديها ورجليها وباستخدام أدوات مختلفة خلال فترات مختلفة.

3- ما شهد به مجري التحريات بالتحقيقات من أن تحرياته توصلت إلى اعتداء المتهمة على العاملة المنزلية للفترة من شهر يونيو ولغاية شهر سبتمبر من العام 2020 فتسببت بوفاتها جراء حرقها وضربها باستخدام ملعقة حديدية، ومقبض حديدي، وهوز بأماكن متفرقة من جسدها وعلى وجهها.

4- تقرير الطب الشرعي النهائي الخاص بفحص جثة المجني عليها من أن إصاباتها قطعية ورضية وحرقية، وما تبين بفحص وتشريح الجثة من العلامات التشريحية الموصوفة بها بأن وفاتها تعزى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفسية نتيجة صدمة ناتجة عن مضاعفات الإصابات الناشئة عن التعدي عليها.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.